الصين تعزز مكانتها في صناعة الروبوتات البشرية

يبدو أن عالم الروبوتات قد اكتسب خبيرا جديدا في فنون الدفاع عن النفس. ففي مقطع فيديو انتشر بشكل واسع، عرضت شركة “يونيتري روبوتيكس” روبوتها البشري “يونيتري جي 1” وهو يؤدي مجموعة من حركات الكونغ فو، مثل اللكمات وحتى ركلة دوارة بزاوية 720 درجة، وهو إنجاز غير مسبوق، حسب ما وصفته الشركة التي تتخذ من هانغتشو مقرا لها، على حسابها الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأرجعت الشركة مرونة الروبوت وقدرته على تنفيذ هذه الحركات إلى خوارزميات متطورة تسمح له بتعلم أيّ حركة في أيّ وقت.
يعزو هوانغ جيا وي، مدير التسويق في الشركة، التقدم السريع ليونيتري إلى تركيزها القوي على البحث والتطوير المستقلين. وأضاف، “هذا هو السبب في أن منتجاتنا، سواء كانت روبوتات رباعية الأرجل أو روبوتات بشرية، أصبحت أكثر دقة واستقرارا وتواصل إبهار الناس”.
وقد حققت الشركة نجاحا كبيرا خلال “حفل عيد الربيع” الصيني لعام 2025، وهو أحد أكثر البرامج التلفزيونية مشاهدة في البلاد كل عام، حيث شارك 16 روبوتا بشريا في أداء راقص إلى جانب الراقصين البشر، ما استعرض قدراتهم المتقدمة في التحكم في الحركة والمزامنة.
تتصدر مقاطعة تشجيانغ، جهود تطوير قطاع الروبوتات في الصين، في عام 2017، أصبحت أول مقاطعة تقدم خطة عمل بعنوان “روبوت بلس”، مما عزز تسريع الاستثمار ودعم السياسات لهذا القطاع. وتعد هانغتشو اليوم مركزا تقنيا رئيسيا، حيث تضم أكثر من 200 شركة مرتبطة بالروبوتات.
برنامج تلفزيوني قدم 16 روبوتا في أداء راقص إلى جانب الراقصين البشر، مستعرضا قدراتهم على التحكم في الحركة والمزامنة
وتتشكل في جميع أنحاء الصين تجمعات صناعية متميزة لصناعة الروبوتات البشرية. فقد أصبحت منطقتا دلتا نهر اليانغتسي ودلتا نهر اللؤلؤ مركزين رئيسيين لهذا القطاع، مستفيدين من خبراتهما في الصناعات الميكانيكية والإلكترونية. وتُعرف دلتا نهر اليانغتسي بكونها موطنا للعديد من مصنعي هياكل الروبوتات وشركات المكونات، بينما أصبحت دلتا نهر اللؤلؤ وجهة مفضلة للشركات المبتكرة.
وتتوسع شركات صناعة السيارات الصينية بسرعة في الصناعات المستقبلية من الروبوتات البشرية إلى السيارات الطائرة، مستفيدة من مزاياها التكنولوجية وسلسلة التوريد لضمان تحقيق الريادة في تكنولوجيا الجيل القادم.
وكشفت شركة مجموعة قوانغتشو المحدودة للسيارات (جي أيه سي) مؤخرا عن “غوميت”، وهو روبوتها البشري من الجيل الثالث.
ويمكن للروبوت ذي العجلات وكامل الحجم صعود السلالم والمنحدرات والتغلب على العقبات الموجودة على جانب واحد.
وبفضل خبرة شركة “جي أيه سي” في تكنولوجيا البطاريات، يوفر “غوميت” عمر بطارية يصل إلى ست ساعات، ما يجعله قابلا للتطبيق في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك الأمن والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية والتعليم.
وقال تشانغ آي مين، رئيس فريق البحث والتطوير للروبوتات في شركة “جي أيه سي”، إن الشركة لديها خطة إنتاج واضحة، تهدف إلى تطبيقات العرض التوضيحي في مختلف الصناعات في عام 2025، والإنتاج على نطاق صغير في عام 2026، والإنتاج الضخم في نهاية المطاف.
وشركة مجموعة قوانغتشو للسيارات المحدودة ليست الوحيدة في السعي لتطوير الروبوتات البشرية، إذ اتخذت شركة “بي واي دي” الصينية لصناعة السيارات خطوة كبيرة في هذا المجال من خلال الاستثمار في شركة “أجيبوت” الناشئة. كما أبرمت شركة “شيري” الصينية لصناعة السيارات شراكة مع شركة الذكاء الاصطناعي “أيموغا” لتطوير روبوت بشري كان مخصصا في البداية للاستخدام كمساعد مبيعات في المتاجر.
وأعلنت شركة “تشانغآن” الصينية لصناعة السيارات عن خطط لروبوتات بشرية ونظام إيكولوجي للسيارات باستثمارات ضخمة في غضون السنوات الخمس المقبلة.
وتعد أوجه التشابه بين المركبات الذكية والروبوتات البشرية في ما يتعلق بالبرمجيات والأجهزة الأساسية وسلسلة التوريد وعمليات الإنتاج هي السبب الرئيسي وراء انتقال العديد من شركات صناعة السيارات إلى هذا المجال الجديد.
ولاحظ خبراء الصناعة أن التكنولوجيات المستخدمة في القيادة الذاتية وأجهزة الاستشعار والرؤية الآلية والذكاء الاصطناعي تتداخل بشكل كبير مع تلك المطلوبة لتطوير الروبوتات البشرية. وبالإضافة إلى ذلك، تعد مصانع السيارات بيئات مثالية لاختبار ونشر الروبوتات البشرية، ما يخلق نظاما إيكولوجيا مغلقا للبحث والتصنيع والتطبيق.
وقال وانغ جين تشياو، رئيس مركز بحوث الذكاء الاصطناعي في ووهان، إن القيادة الذاتية والروبوتات البشرية تشكل أسواقا تبلغ قيمتها تريليون يوان.
وعلى نحو مماثل، تتجه العديد من شركات صناعة السيارات نحو اقتصاد الارتفاعات المنخفضة من خلال تطوير طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية، وهي مركبات يمكنها الصعود والنزول عموديا مثل المروحيات دون الحاجة إلى مدارج.
وفي ديسمبر الماضي، أكملت “حاملة الطائرات البرية”، وهي سيارة طائرة طورتها شركة “إكس بنغ” لصناعة المركبات الكهربائية، رحلتها التجريبية في لوجياتسوي، منطقة الأعمال المركزية في بلدية شانغهاي بشرقي الصين. وتلقى المنتج أكثر من 3000 طلب في معرض الصين للطيران في نوفمبر الماضي.
وقال المحللون إن المركبات الكهربائية يمكنها مشاركة ما يصل إلى 80 في المئة من سلسلة التوريد مع المركبات الكهربائية، ما يعزز آفاق صناعة السيارات الطائرة في الصين.
ويظهر توسع شركات صناعة السيارات الصينية في الصناعات المستقبلية القوة التي تغير قواعد اللعبة للذكاء الاصطناعي في قطاع التكنولوجيا.
وقال تشانغ يونغ وي، نائب رئيس مجلس الإدارة والأمين العام لـ “تشاينا إي في 100″، وهي مؤسسة بحثية لصناعة المركبات الكهربائية الجديدة، إن الميزة التنافسية في صناعة السيارات تتحول بسرعة نحو الذكاء الاصطناعي، ويجب أن يستند التطوير المستقبلي إلى هذا المشهد التنافسي الجديد.
وتوقع تشانغ أن يدخل قطاع السيارات عصر منافسة يقوده الذكاء الاصطناعي بالكامل، ما يشير إلى بداية مرحلة جديدة من تحول الصناعة.