“ميتا” تستخدم تسجيل الوجه لاسترجاع الحسابات: هل تشكل تهديدًا للخصوصية؟
لطالما كانت شركة “ميتا” محط الأنظار في النقاشات المتعلقة بمخاطر الخصوصية على الإنترنت، خاصة فيما يتعلق بسياسات جمع البيانات واستخدامها في توجيه الإعلانات للمستخدمين. وفي خطوة مثيرة للجدل، تعود “ميتا” لتفعيل تقنية التعرف على الوجه مجددًا، رغم الانتقادات السابقة التي تعرضت لها بسبب استخدام هذه التقنية في جمع صور المستخدمين والتعرف على هويتهم.
التعرف على الوجه: عودة مشروطة
هذه ليست المرة الأولى التي تعتمد فيها “ميتا” على تقنية التعرف على الوجه، حيث كانت قد تبنتها منذ أكثر من عقد لتقديم خدمات التعرف التلقائي على الأشخاص في الصور. لكن في عام 2021، وتحديدًا بعد تسريبات من الموظفة السابقة فرانسيس هاوجن، أعلنت الشركة عن تخليها عن هذه التقنية بشكل مفاجئ، مما أثار جدلاً واسعًا. ومع ذلك، تواصل “ميتا” البحث عن طرق لاستعادة هذه التقنية، ويبدو أنها عادت مجددًا ولكن هذه المرة لأغراض متعددة.
أغراض متعددة لاستخدام تقنية التعرف على الوجه
في سياق تطبيقاتها الجديدة، ستساعد “ميتا” المستخدمين الذين فقدوا الوصول إلى حساباتهم بسبب مشاكل مثل نسيان كلمة المرور أو التلاعب بالبيانات الشخصية. يمكن للمستخدم الآن رفع صورة أو مقطع فيديو يظهر وجهه من عدة زوايا لتتم مقارنته بالصورة الموجودة في حسابه على فيسبوك أو إنستغرام، وبذلك يتم استعادة الوصول إلى الحسابات بسهولة.
إضافة إلى ذلك، ستساعد هذه التقنية في مكافحة الإعلانات الاحتيالية التي تستخدم صورًا أو مقاطع للمشاهير دون إذنهم، وهو نوع من الإعلانات الذي زاد انتشاره في الفترة الأخيرة بسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي.
مزايا واختبارات مبدئية
على الرغم من أن هذه الميزة لا تزال في مراحلها الاختبارية، إلا أنها ستكون متاحة كخيار للمستخدمين في الفترة المقبلة. أما بالنسبة للمشاهير، فسيتم إدراجهم تلقائيًا في هذه المنظومة لتوفير حماية إضافية ضد استخدام صورهم في إعلانات كاذبة. المثير للانتباه أن “ميتا” تؤكد أنه سيتم حذف الصور أو المقاطع المرفوعة بعد استعادة الحساب، مما يعني أنها لن تُخزن في خوادم الشركة.
التحديات الأمنية وحقوق الخصوصية
بالرغم من هذه الإجراءات، تبقى هناك مخاوف مشروعة بشأن خصوصية البيانات، خاصة وأن “ميتا” تعهدت في السابق بعدم تخزين الصور التي تُستخدم في هذه العمليات. فهل ستتمكن الشركة من تأمين بيانات المستخدمين وحمايتها من التسريب أو الاستخدام غير المشروع؟ الإجابة عن هذا السؤال تتطلب فحصًا دقيقًا لخوادم “ميتا” ومراجعة كيفية حماية هذه البيانات.
من جانب آخر، يرى العديد من الناشطين الحقوقيين أن “ميتا” لا تزال تستخدم أكثر الحلول خرقًا للخصوصية. وتقول كريس جيليارد، الباحثة في الأمن السيبراني، إن “ميتا” أصبحت معروفة بتدخلها العميق في حياة المستخدمين، لا سيما أنها تعتمد على جمع البيانات الشخصية لتوجيه الإعلانات.
حلول بديلة وحلول أكثر أمانًا
إلى جانب تقنية التعرف على الوجه، هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن أن تستخدمها الشركات لحل مشكلة الوصول إلى الحسابات المفقودة دون الحاجة للجوء إلى خرق الخصوصية، مثل استخدام “مفاتيح المرور الآمنة” أو المصادقة الحيوية التي تعتمد على المعلومات الحيوية المسجلة في الهواتف الذكية.
هل ستتمكن “ميتا” من ضمان أمان المستخدمين؟
يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل ستتمكن “ميتا” من استخدام هذه التقنية بطريقة آمنة وتجنب تسريب بيانات المستخدمين أو استخدامها في أغراض تجارية ضارة؟ أم أن هذه العودة لتقنية التعرف على الوجه ستفتح بابًا جديدًا للمخاطر الأمنية التي قد تهدد خصوصية المستخدمين في جميع أنحاء العالم؟
بينما تأمل “ميتا” في استعادة ثقة المستخدمين عبر وعود بالحماية والشفافية، فإن الطريق أمامها طويل لتأكيد قدرتها على كبح المخاطر الأمنية المحتملة وضمان عدم استغلال هذه البيانات لأغراض تجارية بحتة.